الودائع وويسكي المصارف

حسان الزين

احتجزت البنوك ودائع المواطنين لديها، وأقفلت أبوابها في وجههم، من دون قانون يسمح لها بذلك. بل إنّها رفعت سواتر حديدية بحجّة حماية نفسها من الغضب الشعبي. والحقيقة أنّها بنت قلعتها لتستمر في سياستها.

وفيما أسهمت في تهريب أموال لسياسيين ولأصحابها إلى الخارج، تراها تمارس الـ”Hair Cut” على الودائع وقيمتها. وذلك في كل عمليّة تجريها. وأبرزها في هذه الأيام، إعطاء المودعين شيكات بنكية يضطرون إلى “بيعها” بثلث قيمتها في السوق السوداء. ما يطرح أسئلة كثيرة، أهمّها كيف يُحصّل مَن يشتري تلك الشيكات قيمتها من البنوك؟ وكم يحصّل من قيمتها وما هي أرباحه؟ ومَن هي الجهات التي تشتريها وما علاقتها بالبنوك؟

وبداية الإجابة هي لو أن تلك الشيكات لا تُصرف من البنوك بقيمة تتجاوز الثلث لما تُشترى في السوق السوداء. ما يدل على علاقة ما بين مَن يشتريها والبنوك.

ولا ننسى السؤال عن علاقة ذلك بالسوق السوداء لسعر صرف الدولار.

وقبل أن تحتجز البنوك ودائع المواطنين، خاطرت بها حين أقرضتها إلى الدولة التي تسيطر عليها حفنة من الفاسدين. لقد فعلت ذلك بكامل وعيها وبالتكافل والتضامن مع تلك الحفنة. وحوّلتا معاً الدولة المُفسَدة زبوناً أوّلَ للبنوك التي يشارك سياسيون في قسم كبير منها.

واليوم، يصرخ المودعون، من الأزمة الاقتصادية والنقدية، ومن احتجاز ودائعهم التي يحاول جزء كبير منهم إنقاذ ما أمكن منها عبر الشيكات تلك.

يصرخون ولا تسمعهم البنوك التي ترهن إعادة الودائع بحصولها على مقابل من أملاك الدولة، وتماطل في زيادة رساميلها (20%)، التي يقول حاكم البنك المركزي إنها تسهم في إعادة الودائع إلى أصحابها.

يصرخ المواطنون ولا تسمعهم البنوك القوية. القوية باحتسائها الويسكي مع الحفنة السياسية المتسلّطة على الدولة. والقوية بحاكم يُبيح لها ما تفعله، ومنه إعطاء الشيكات التآمرية أو حصول المودعين على “دولاراتهم” لكن بالعملة اللبنانية التي أهلكتها البنوك والحفنة السياسية والحاكم.

وربّما البنوك قوية بسبب عدم تضامن المودعين وتوجههم إليها، وإلى من وراءها، بصوت واحد وقبضة واحدة مطالبين بودائعهم كاملة القيمة، الآن.

أضف تعليق